ابو عبيدة مدير المنتدى
عدد المساهمات : 214 تاريخ التسجيل : 16/02/2011
| موضوع: حكم تارك الصلاة جحودا او تكاسلا لابن عثيمين الخميس فبراير 17, 2011 5:56 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم اخوانى واخواتى فى الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد هذا حكم من ترك الصلاة جحودا وحكم من تركها تكاسلا وقد اورد العلامة ابن عثيمين عليه رحمة الله اراء العلماء فيمن تركها تكاسلا فمنهم من قال بكفره ومنهم من قال بفسقه وليس بكفره كما سترون الآن ان شاء الله والله اعلم ايهما الراجح هل الكفر ام الفسق فكلاهما قال به اهل العلم من الائمة الأربعه ولذا اريد ان اقول لتارك الصلاة تكاسلا او المتهاون فى ادائها لماذا تجعل اهل العلم يختلفون فيك اانت كافر ام فاسق اى عقل هذا وما يضرك من المحافظة عل الصلاة انها طهارة وصلة بين العبد وربه ولا تدرى ايهما اصح فلما تريد الهلاك لنفسك اى عقل هذا ان الدنيا ساعه فاجعلها طاعه وانك لا تقوى على حر النار ساعه اعاذنا الله جميعا واياكم من حر النار ومن استطال الموضوع فليقرأه على مرتين كى يقرأه بتدبر والآن مع ابن عثيمين عليه رحمة الله قوله: «وَمَنْ جَحَدَ وجُوبها كَفَرَ»، أي: وجوبَ الصَّلاة المُجمع على وجوبها وهي: الصلوات الخمس والجُمُعة فهو كافر؛ لأنَّه مكذِّبٌ لله ورسوله وإجماع المسلمين القطعيِّ، وحتى لو جَحَدَ وجوبها وصلَّى، وكذا لو جَحَدَ وجوبَ بعضها، وكذا لو جَحَدَ وجوبَ ركعة واحدة، فإنَّه يكفر. وكذا لو جَحَدَ وجوبَ رُكْنٍ واحد فقط، كفر إذا كان مُجمَعاً عليه. واستثنى العلماءُ من ذلك: ما إذا كان حديثَ عهدٍ بكفر وجَحَدَ وجوبها، فإنَّه لا يكفر، لكن يُبيَّنُ له الحق، فإذا عُرض له الحقُّ على وجهٍ بَيِّنٍ ثُمَّ جَحَدَ كفر. وهذه المسألة التي استثناها العلماء تُبَيِّنُ أنَّه لا فرق بين الأمور القطعيَّة في الدِّين وبين الأمور الظنِّيَّة في أنَّ الإنسان يُعْذَر بالجهل فيها، وهذه المسألة - أعني العذر بالجهل مهمَّةٌ تحتاج إلى تثبُّتٍ حتى لا نُكفِّر من لم يَدُلَّ الدَّليل على كفره.
قوله: «وكذا تاركُها تهاوناً، ودَعَاهُ إمامٌ أو نائبُه فأَصرَّ وضَاقَ وَقْتُ الثَّانية عنها» ، فَصَلَ هذه المسألة عن الأولى بقوله: «وكذا»، لأنَّ هذه لها شروط، فإذا تركها تهاوناً وكسلاً مع إقراره بفرضيتها، فإنَّه كافرٌ كفراً أكبرَ مخرجاً عن المِلَّة ولكن بشرطين: الأول: ذكره بقوله: «ودَعَاهُ إمامٌ أو نائبُه»، أي: إلى فعلها. والمراد بالإمام هنا: مَنْ له السُّلطة العُليا في البلد. والثاني: ذكره بقوله: «وضاقَ وقتُ الثَّانية عنها» فإنَّه يكفرُ. وعليه؛ فإذا ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها، فإنَّه لا يكفر، وظاهره أنَّه سواءٌ كانت تُجمع إلى الثانية أو لا تُجمع، وعلى هذا؛ فمذهب الإمام أحمد المشهور عند أصحابه أنَّه لا يمكن أن يُحْكَمَ بكفر أحد تركَ الصَّلاةَ إذا لم يَدْعُهُ الإمامُ؛ لأننا لم نتحقَّق أنه تركها كسلاً؛ إذ قد يكون معذوراً، بما يعتقده عذراً وليس بعذرٍ، لكن إذا دعاه الإمام وأصرَّ علمنا أنه ليس معذوراً. وأما اشتراطُ ضِيْقِ وقت الثانية؛ فلأنَّه قد يظنُّ جوازَ الجمع من غير عذرٍ. فلاحتمال هذا الظَّنِّ لا نحكم بكفره. ولكن القول الصَّحيح - بلا شكٍّ - ما ذهب إليه بعض الأصحاب من أنه لا تُشترط دعوةُ الإمام؛ لظاهر الأدلَّة، وعدم الدَّليل على اشتراطها. وأيضاً: هل نقول في المسائل التي يُكفَّر بها: إنَّه لا يُكفَّر إلَّا إذا دعاه الإمام؟ لأنَّ احتمالَ العُذر فيها كاحتمال العُذر في تارك الصَّلاة تهاوناً وكسلاً، فإما أن نقول بذلك في الجميع؛ أو نترك هذا الشرط في الجميع؛ لعدم الدَّليل على الفرق. وقال بعض العلماء: يكفرُ بترك فريضةٍ واحدة، ومنهم من قال: بفريضتين ، ومنهم من قال: بترك فريضتين إن كانت الثَّانية تُجمع إلى الأولى . وعليه؛ فإذا ترك الفجر فإنَّه يكفر بخروج وقتها، وإن ترك الظُّهر، فإنَّه يكفر بخروج وقت صلاة العصر. والذي يظهر من الأدلَّة: أنَّه لا يكفر إلا بترك الصَّلاة دائماً؛ بمعنى أنَّه وطَّنَ نفسَه على ترك الصَّلاة؛ فلا يُصلِّي ظُهراً، ولا عَصراً، ولا مَغرباً، ولا عِشاء، ولا فَجراً، فهذا هو الذي يكفر. فإن كان يُصلِّي فرضاً أو فرضين فإنَّه لا يكفر؛ لأنَّ هذا لا يَصْدُقُ عليه أنه ترك الصَّلاة؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرَّجُلِ وبين الشِّركِ والكفرِ تَرْكُ الصَّلاة، ولم يقل: «تَرَكَ صلاةً». وأما ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ تَركَ صلاةً مكتوبةً متعمِّداً فقد بَرئت منه الذِّمَّةُ»، ففي صحَّته نظر. ولأنَّ الأصلَ بقاءُ الإسلام، فلا نخرجه منه إلا بيقين؛ لأنَّ ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين، فأصل هذا الرَّجُل المُعَيَّن أنَّه مسلمٌ؛ فلا نخرجه من الإسلام المتيقَّن إلا بدليل يخرجه إلى الكفر بيقين. وقال بعض العلماء: لا يكفر تاركها كسلاً. وقول الإمام أحمد بتكفير تارك الصلاة كسلاً هو القول الرَّاجح، والأدلة تدلُّ عليه من كتاب الله وسُنَّةِ الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقوال السَّلف، والنَّظر الصحيح. أمَّا الكتاب: فقوله تعالى في المشركين: )فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (التوبة:11)، فاشترط الله لثبوت الأُخُوَّة في الدِّين ثلاثةَ شروط: الأولُ: التوبة من الشِّرك، والثَّاني: إقامة الصَّلاة، والثالث: إيتاء الزَّكاة. فالآية تدلُّ على أنَّه لا يكون أخاً لنا في الدِّين إذا لم يُصَلِّ ولم يُزكِّ، وإن تاب من الشِّرك. والأُخُوَّة في الدِّين لا تنتفي بالمعاصي وإن عَظُمَتْ، كما في آية القصاص حيث قال تعالى: ) فمن عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْء) (البقرة: من الآية178)، فجعلَ المقتولَ أخاً للقاتل عمداً، وكما في اقتتال الطَّائفتين من المؤمنين حيثُ قال تعالى: )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10) ، فلم تنتفِ الأُخوة الإيمانية مع الاقتتال؛ وهو من كبائر الذُّنوب. أمَّا مانعُ الزَّكاة فمن العلماء من التزم بذلك وقال بأنَّه كافر، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، ولكن يمنع هذا القول ما ثبت في «صحيح مسلم» فيمن آتاه الله مالاً من الذَّهب والفضَّة ولم يُؤدِّ زكاتَه «أنه يرى سبيله إما إلى الجَنَّة وإما إلى النَّار»، وهذا يَدلُّ على أنه ليس بكافر؛ إذ لو كان كذلك لم يجد سبيلاً إلى الجنَّة. وأما السُّنَّة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرَّجُل وبين الشِّرك والكفر تركُ الصَّلاة»، وقال: «العهدُ الذي بيننا وبينهم الصَّلاة، فمن تركها فقد كفر». والبَيْنيَّةُ تقتضي التَّمييز بين الشيئين، فهذا في حَدٍّ، وهذا في حَدٍّ. وقوله في الحديث: «الكفر»، أتَى بأل الدالة على الحقيقة، وأنَّ هذا كفرٌ حقيقي وليس كفراً دون كُفر، وقد نَبَّه على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم»، فلم يقل (صلى الله عليه وسلم): «كفر»، كما قال: «اثْنَتَان في النَّاس هُمَا بهم كُفْرٌ: الطَّعن في النَّسب، والنِّياحة على الميِّت»، وإنما قال: «بين الرَّجُل والشِّرك والكفر»، يريد بذلك الكفر المطلق وهو المُخْرج عن المِلَّة. وأما أقوال الصَّحابة: فإنها كثيرة، رُويت عن سِتَّة عشر صحابياً، منهم عمر بن الخطاب. ونقل عبد الله بن شقيق وهو من التابعين عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عموماً القول بتكفير تارك الصلاة، فقال: «كان أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم لا يَرَونَ شيئاً مـن الأعمال تركه كفر غير الصلاة»، ولهذا حَكى الإجماعَ إِسحاقُ بن راهويه الإمام المشهور فقال: ما زال الناس من عهد الصحابة يقولون: إن تاركَ الصَّلاة كافر. وأما النَّظَر: فإنه يُقال: إنَّ كلَّ إنسان عاقل في قلبه أدنى مثقال ذَرَّة من إيمان لا يمكن أن يُدَاوِمَ على ترك الصَّلاة، وهو يعلَم عِظَمَ شأنها، وأنَّها فُرضت في أعلى مكان وصل إليه البشر، وكان فرضها خمسين صلاة لكنها خُفِّفَت، ولا بُدَّ فيها من طهارة بدون خلاف، ولا بُدَّ للإنسان أن يتَّخذ فيها زينة، فكيف يشهد أنْ لا إله إلا الله، ويُحافظ على ترك الصَّلاة؟ إنَّ شهادةً كهذه تستلزم أن يعبده في أعظم العبادات، فلا بُدَّ من تصديق القول بالفعل، فلا يمكن للإنسان أن يَدَّعي شيئاً وهو لا يفعله، بل هو كاذب عندنا، ولماذا نكفِّره في النّصوص التي جاءت بتكفيره مع أنه يقول: لا إله إلا الله، ولا نكفره بترك الصَّلاة مع أنَّ النصوصَ صريحةٌ في كفره؟ ما هذا إلا تناقض. ولا يمكن أنْ نحمل نصوصَ التَّكفير على مَنْ تركها جاحداً، فإن الإنسانَ لو صَلّى الصّلاة كاملة؛ وهو جاحدٌ لوجوبها فإنَّه كافر، ولهذا لما قيل للإمام أحمد في قوله تعالى: )وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً)(النساء: من الآية93) الآية: إنَّ هذا فيمن استحلَّ قتل المسلم؛ قال: سبحان الله! من استحلَّ قتل المسلم فهو في النَّار، سواء قتله أم لم يقتله. وهذا مثله، وأنت إذا حملتَ الحديثَ على هذا فقد حَرَّفته من وجهين: أولاً: حملتَ دلالته على غير ظاهره؛ لأن الحديث معلَّق بالتَّرك لا بالجحود. ثانياً: أبطلتَ دلالته فيما دَلَّ عليه، وهو التَّرك؛ حيث حملته على الجحود. وهذا من باب الاعتقاد ثم الاستدلال، والذي يحكم بالكفر والإسلام هو اللَّهُ . بقي أن يُقال: هناك أحاديث تُعارض الأحاديثَ الدَّالة على الكفر؟ فنقول: أولاً يجب أن نعرف ما معنى المعارضة قبل أن نقول بها، ولهذا نقول: حَقِّقْ قبل أن تُنَمِّقَ، هل جاء حديث أو آية تقول: مَنْ ترك الصَّلاة فليس بكافر أو نحوه؟ لو جاءت على مثل هذا الوجه قلنا: هذه معارضة، ولكن ذلك لم يكن، فالنُّصوص التي عارضوا بها تنقسم إلى خمسة أقسام: القسم الأول: ما لا دليل فيه أصلاً للمسألة، مثل استدلال بعضهم بقوله تعالى: )إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء) (النساء: من الآية48) [النساء: 48، 116] ، فإن قوله: {مادون ذلك } يدخل فيه تَرْكُ الصَّلاة؛ فيكون داخلاً تحت المشيئة، وما كان كذلك لم يكن كفراً. فيجاب: بأن معنى قوله: {مادون ذلك } ما هو أقلُّ من ذلك، وليس معناه ما سوى ذلك، بدليل أنَّ من كذَّبَ بما أخبر الله به ورسولُه فهو كافر كفراً لا يُغفر، وليس ذَنْبُه من الشِّرك. ولو سلَّمنا أن معنى: { مادون ذلك} ما سوى ذلك؛ لكان هذا من باب العام المخصوص بالنُّصوص الدَّالَّة على الكفر بما سوى الشِّرك، والكفر المُخرج عن المِلَّة من الذنب الذي لا يُغفر، وإن لم يكن شركاً. ومن هذا القسم: ما يكون مشتبهاً لاحتمال دلالته، فيجب حمله على الاحتمال الموافق للنصوص المحكمة، كحديث عُبادة بن الصَّامت: «خمسُ صلوات؛ افترضهُنَّ اللَّهُ تعالى، مَنْ أحسن وضوءَهُنَّ، وصَلَّاهُنَّ لوقتهنَّ؛ وأتمَّ رُكوعَهُنَّ وخُشوعَهُنَّ، كان له على الله عهدٌ أن يغفرَ له، ومَنْ لم يفعلْ؛ فليس له على الله عهدٌ، إن شاء غَفرَ له، وإن شاء عَذَّبه»، فإنه يحتَمِلُ أن يكون المراد به: من لم يأتِ بهنَّ على هذا الوصف، وهو إتمام الركوع والسجود والخشوع. ويحتمل أن يكون: لم يأتِ بهنَّ على هذا الوصف، وهو إتمام الركوع والسجود والخشوع. ويحتمل أن يكون: لم يأتِ بهنَّ كلِّهنَّ؛ بل كان يُصلّي بعضاً ويترك بعضاً. ويحتمل أن يكون: لم يأتِ بواحدةٍ منهنّ، بل كان يَتركهُنَّ كلَّهنَّ. وإذا كان الحديث محتملاً لهذه المعاني كان من المتشابه، فيُحمل على الاحتمال الموافق للنُّصوص المحكمة. القسم الثاني: عامٌ مخصوص بالأحاديث الدَّالة على كفر تارك الصلاة، مثل قوله (صلى الله عليه وسلم) في حديث معاذ بن جبل: «ما من عبدٍ يشهدُ أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً عبده ورسوله؛ إلا حَرَّمه اللَّهُ على النَّار». وهذا أحدُ ألفاظه، وورد نحوه من حديث أبي هريرة وعُبادة بن الصامت وعِتْبَان بن مالك رضي الله عنهم. القسم الثالث: عامٌ مقيَّد بما لا يمكن معه ترك الصَّلاة، مثل قوله (صلى الله عليه وسلم) في حديث معاذ: «ما من أحدٍ يشهد أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله - صِدْقاً من قلبه - إلا حَرَّمه الله على النَّار» ، وقوله (صلى الله عليه وسلم) في حديث عِتْبَان بن مالك: «فإن الله حَرَّم على النَّار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وَجْهَ الله» ، رواه البخاري. فتقييدُ الإتيان بالشهادتين بإخلاص القصد وصدق القلب يمنعه من ترك الصَّلاة، إذ ما من شخص يصدق في ذلك ويُخْلص إلا حمله صدقه وإخلاصه على فعل الصَّلاة ولا بُدّ، فإن الصَّلاة عَمُود الإسلام، وهي الصِّلة بين العبد وربِّه، فإذا كان صادقاً في ابتغاء وجه الله، فلا بُدَّ أن يفعل ما يوصله إلى ذلك، ويتجنَّبَ ما يحول بينه وبينه. وكذلك من شهد أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله صِدْقاً من قلبه؛ فلا بُدَّ أن يحمله ذلك الصِّدق على أداء الصَّلاة مخلصاً بها لله تعالى متَّبعاً فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ لأن ذلك من مستلزمات تلك الشَّهادة الصَّادقة. القسم الرابع: ما ورد مقيَّداً بحال يُعذر فيها بترك الصلاة، كالحديث الذي رواه ابنُ ماجه عن حُذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «يَدْرُسُ الإسلامُ كما يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوب» الحديث، وفيه: «وتبقى طوائفُ من النَّاس: الشيخُ الكبيرُ والعجوزُ، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمةِ: لا إله إلا الله، فنحن نقولُها». فقال له صِلَة: ما تُغْني عنهم: لا إله إلا الله؛ وهم لا يَدْرون ما صلاة؛ ولا صيام؛ ولا نُسُكٌ؛ ولا صَدَقَةٌ. فأعرض عنه حُذيفة، ثم ردَّها عليه ثلاثاً. كُلُّ ذلك يُعْرِضُ عنه حُذيفة، ثم أقبل عليه في الثَّالثة، فقال: يا صِلَةُ، تُنْجِيهم من النَّار. ثلاثاً. فإن هؤلاء الذين أنجتهم الكلمةُ من النَّار كانوا معذورين بترك شَرائعِ الإسلام؛ لأنهم لا يَدْرون عنها، فما قَامُوا به هو غايةُ ما يقدرون عليه، وحالهم تُشبه حالَ مَنْ ماتوا قبل فرض الشَّرائع، أو قبل أن يتمكَّنُوا من فعلها، كمن مات عُقيب شهادته قبل أن يتمكَّنَ من فعل الشَّرائع، أو أسلم في دار الكفر قبل أن يتمكَّنَ من العلم بالشرائع. القسم الخامس: أحاديث ضعيفة لا تقاوم أدلَّة كفر تارك الصَّلاة. والحاصل: أن ما استدلَّ به مَنْ لا يرى كُفْر تارك الصَّلاة لا يقاوم ما استدلَّ به من يرى كفره؛ لأنَّ ما استدلَّ به أولئك: إما ألا يكون فيه دلالة أصلاً، وإما أن يكون مقيَّداً بوصفٍ لا يتأتَّى معه ترك الصَّلاة، أو مقيَّداً بحال يُعذر فيها بترك الصَّلاة، أو عاماً مخصوصاً بأدلَّة تكفيره أو ضعيفاً لا يقاوم الأدلَّة الدَّالة على كفره. فإذا تَبيَّن كفره بالدَّليل القائمِ السالمِ عن المُعارض المقاوم؛ وجَبَ أن تترتَّبَ أحكام الكُفْر والرِّدَّة عليه؛ ضرورة أن الحكم يدور مع عِلَّته وجوداً وعدماً. والقولُ بعدم تكفير تارك الصَّلاة يُؤدي إلى تركها والتَّهاونِ بها؛ لأنَّك لو قلت للنَّاس على ما فيهم من ضعف الإيمان: إنَّ ترك الصَّلاة ليس بكُفْر، تركوها. والذي لا يُصلِّي لا يغتسل من الجنابة، ولا يستنجي إذا بال، فيُصبح الإنسان على هذا بهيمة، ليس همُّه إلا أكلٌ وشربٌ وجِمَاعٌ فقط، والدليل على كفره قائم؛ وهو سالم عن المُعارض القائم المقاوم تماماً ولله الحمد. ولنا في ذلك رسالة مستقلَّة؛ أوسع من هذا البحث؛ فليُراجعها من أحبَّ؛ لأهميَّةِ الموضوع. قوله: «وَلَا يُقْتَلُ حتى يُستتاب ثَلاثاً فِيهِما» ، أي: لا يقتل من جَحَد وجوب الصَّلاة أو تركها تهاوناً وكسلاً «حتى يُستتاب»، أي: يستتيبه الإمام أو نائبه ثلاثة أيام، فيقول له: تُبْ إلى الله وصَلِّ وإلا قتلناك. وهذه المسألة، فيها خلافٌ بين أهل العلم،وعن الإمام أحمد روايتان، هل يُستتابُ كلُّ مرتد أم لا؟ والمذهب: أن المرتدين قسمان: قسم لا تقبل توبتهم، فهؤلاء لا يُستتابون لعدم الفائدة وهم: من سَبَّ الله، أو رسوله، أو تكرَّرت رِدَّتُه، فإن هذا يُقتل حتى لو تاب. والصَّحيح: أنَّه تُقبل توبتهم؛ لعموم الأدلة الدَّالة على قَبُول الله تعالى التَّوبة من كلِّ ذنب؛ بل في خُصوص المستهزئين بالله وآياته ورسوله كما قال تعالى: )قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53) ، وقال في المستهزئين: )لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) (التوبة:66) . لكن من سَبَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قُتِلَ وجوباً وإِنْ تابَ؛ لأنه حَقُّ آدميٍّ فلا بُدَّ من الثَّأر له (صلى الله عليه وسلم). والقسم الثاني من المرتدين تُقبل توبتهم، وفي استتابتهم روايتان: الرِّواية الأولى: لا يُستتابون بل يقتلون؛ لأن النصوص الواردة عامَّة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ بدّلَ دينه فاقتلوه»، ولم يقل: «فاستتيبوه». والرِّواية الثانية: أنهم يُستتابون ثلاثة أيَّام، واستدلُّوا بأثرٍ عن عمر أنه ذُكر له رجلٌ ارتدَّ فقُتِلَ، فقال لهم: «فهلّا حبستموه ثلاثاً، وأطعمتموه كلَّ يومٍ رغيفاً، واستتبتُموه لَعَلَّه يتوب ويُراجع أمر الله، اللهم إنِّي لم أحضرْ، ولم آمُرْ، ولم أَرْضَ إذ بلغني». وهناك قول ثالث: أنَّ هذا يرجع إلى اجتهاد الحاكم، وهذا لا يُنافي ما قاله عمر، ولا يُخالف الأدلَّة، وهذا القول هو الصَّحيح.
| |
|