لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح أولها
لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح أولها
1: أن الحق يجب أن يقال ويبين للناس، والباطل يجب أن يرد في كل مكان، كما أمر الله بذلك؛ {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}.
2: أن نقول: إن اجتماع المسلمين واتحادهم ووقوفهم في وجه عدوهم أمر مطلوب وهدف نبيل؛ ولكن هذا لا يتحقق؛ إلا إذا اعتصموا بكتاب ربهم وسنة نبيهم، وتركوا المذاهب الباطلة والأقوال الخاطئة، ولا سيما في العقيدة التي هي أساس الدين ومدلول الشهادتين.
وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
وحبل الله هو القرآن العزيز.
وقال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}.
فأوجب سبحانه الرجوع إلى الكتاب والسنة؛ لحسم النزاع، وقطع دابر الخلاف، ولم يقل: ليبقى كل واحد على رأيه المخالف للكتاب لأجل الوحدة؛ الوحدة لا تمكن إلا باتخاذ الأسباب المؤدية إليها، ومن أعظم تلك الأسباب:
ترك المذاهب الباطلة، والانحرافات المضلة، وما لم تترك؛ فالوحدة متعذرة.
قال تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
وهذا ذم لهم على بقائهم على تفرقهم في الدين، ومقالاتهم الخاطئة.
3: أن التفرق في العقيدة لا يمكن معه الاجتماع، وبعض الجهال يدعونا للبقاء على تفرقنا في العقيدة، ثم يطالبنا بالاتحاد أمام عدونا، وهذا تناقض ظاهر، تأخذ القارئ منه الدهشة، ويذهب به الاستغراب كل مذهب.
.
إنه قبل ظهور هذه المذاهب والنحل، ويوم أن كان المسلمون على عقيدة واحدة، واعتماد على الكتاب والسنة، وهم أمة واحدة، وقد وقفوا صفا واحدا أمام عدوهم، وفتحوا البلاد، وسادوا العباد بالعلم والدين؛ مصداقًا لقوله صلي الله عليه وسلم:(إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وسنتي).
وقوله صلي الله عليه وسلم:(فإنه من يعش منكم؛ فسيرى اختلافا كثيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة).
:
وما الدين إلا واحد والذي نرى ** ضلالات أتباع الهوى تتقارع
وما ترك المختار ألف ديانة ** ولا جاء في القرآن هذا التنازع
فيا ليت أهل الدين لم يتفرقوا ** وليت نظام الدين للكل جامع
فمضمون هذه الأبيات إنكار المذاهب الباطلة، والدعوة إلى تركها، .
وهذا ما يدعو إليه كل عالم محقق وداع إلى الله على بصيرة.
أما الذي يدعو إلى عدم إنكار المذاهب الباطلة، والعقائد الفاسدة؛ فهذا يدعو إلى التفرق والتفكك.
نسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين لما هو أصلح وانفع لدينهم ودنياهم، ونقول ما قاله الإمام مالك بن أنس رحمه الله:
" لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح أولها ".
وذلك باتباع الكتاب والسنة، والاعتصام بهما،
الشيخ العلامه صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله